أسئلة وفتاوى عن الحج والعمرة

فتاوي الحج والعمرة

هل يصح للإنسان أن يعتمر قبل أن يحج حج الفريضة؟

الجواب : نعم يجوز للإنسان أن يعتمر قبل أن يحج؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه اعتمروا قبل أن يحجوا حجة الفريضة. 

ما حكم من يقدم العمرة على الحج مع أن الأولى سنة؟ 

الجواب : الصحيح من قول العلماء أن العمرة واجبة؛ لقوله تعالى : 
( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ) ، ولأحاديث وردت في ذلك، وإذا أتى بها المسلم قبل الحج في أشهر الحج ثم حج من عامه فهو متمتع بالعمرة إلى الحج، وهذا أفضل من الإفراد، والقران لمن لم يسق الهدي؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع لمن لم يسق الهدي من أصحابه رضي الله عنهم: اجعلوها عمرة، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي، ولجعلتها عمرة . 

فرضت العمرة مرة واحدة في العمر فهل يجوز أداؤها في أي وقت من السنة، أو لا يجوز أداؤها إلا في أشهر الحج؟ 

الجواب : يجوز أداء العمرة في جميع أيام السنة، حتى في أشهر الحج، وإذا أداها في أشهر الحج وحج بعدها من عامه فهو متمتع بالعمرة إلى الحج، وإذا أداها مع حجه كان قارنًا بين الحج والعمرة، وعلى كل من المتمتع والقارن هدي يجزئ أضحية، إذا لم يكن من حاضري المسجد الحرام ، وإذا أداها الحاج في ذي الحجة بعد أيام التشريق جاز، ولا هدي عليه. 

إذا توفي إنسان ونوى أحد أقربائه أن يعتمر وثواب أجرها لهذا المتوفى هل تصح عمرته، وهل أجرها يصل بإذن الله تعالى إلى هذا المتوفى؟

الجواب : تجوز العمرة عن الميت ممن قد اعتمر عن نفسه عمرة الإسلام، ويصل ثوابها إلى الميت إذا تقبلها الله سبحانه، وهكذا الحج يجوز عن الميت المسلم ممن قد حج عن نفسه.

قدّر الله أن أذهب لأداء العمرة في شهر رمضان المبارك الفائت، ولما بدأت الطواف ولشدة الزحام لم أكمله فخرجت من مكة وعدت إلى مدينتي وكان ذلك ليلة سبع وعشرين. وأسأل سماحة شيخنا - حفظه الله - عما يترتب عليَّ مع العلم أنني والحمد لله أتمتع بصحة جيدة أفيدونا أفادكم الله؟

الجواب : قد أخطأت فيما عملت عفا الله عنا وعنك، وكان الواجب عليك أن تكمل العمرة في وقت آخر غير وقت الزحام؛ لقول الله سبحانه: ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ )
وقد أجمع العلماء على أنه يجب على من أحرم بحج أو عمرة أن يكمل ذلك، وأن لا يتحلل منهما إلا بعد الفراغ من أعمال العمرة ومن الأعمال التي تبيح له التحلل من أعمال الحج، إلا المحصر والمشترط إذا تحقق شرطه. فعليك التوبة مما فعلت، وعليك مع ذلك أن تعيد ملابس الإحرام، وتتجنب محظورات الإحرام، وتذهب إلى مكة لإكمال العمرة للطواف والسعي والحلق أو التقصير، وعليك مع ذلك دم وهو سُبع بدنة أو سُبع بقرة أو رأس من الغنم ثني معز أو جذع ضأن إن كنت جامعت امرأتك في المدة المذكورة، وعليك أن تذهب إلى الميقات الذي أحرمت منه بالأول، وتحرم بعمرة جديدة وتؤدي مناسكها قضاء للعمرة الفاسدة بالجماع، مع التوبة مما فعلت كما تقدم، وإن كنت تعلم الحكم وأنه لا يجوز لك هذا العمل فعليك إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد من بر أو أرز أو غيرهما، أو ذبح شاة، أو صيام ثلاثة أيام عن لبس المخيط، ومثل ذلك عن تغطية الرأس، ومثل ذلك عن الطيب، ومثل ذلك عن قلم الأظفار، ومثل ذلك عن حلق الشعر في المدة المذكورة، أما إن كنت جاهلاً فليس عليك شيء من الفدية المذكورة؛ لقول الله سبحانه: (رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) . وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله أجاب هذه الدعوة، ولأدلة أخرى في ذلك.

رجل طاف من داخل حجر إسماعيل وسعى وحلَّ الإحرام ثم ذهب إلى داره وجامع زوجته، هل عليه إثم في ذلك؟ 

الجواب : هذه العمرة فاسدة؛ لأن طوافه غير صحيح، فعليه أن يعيد الطواف والسعي ويقصر شعره، وعليه دم شاة تذبح في مكة عن جماعه زوجته قبل إتمام عمرته، لأن طوافه من داخل الحجر غير صحيح، لا بد أن يطوف من وراء الحجر، وبذلك تتم عمرته الفاسدة، ثم يأتي بعمرة أخرى صحيحة بدلاً عنها من الميقات الذي أحرم بالأولى منه، هذا هو الواجب عليه؛ لفساد عمرته الأولى بالوطء. 

مضمون السؤال عن حكم تكرر العمرة في السنة؟

الجواب : الصحيح أنه يجوز تكرر العمرة في السنة عدة مرات؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) متفق على صحته. 
يقول بعض الناس : إن البنت إذا حلقت رأسها وهي صغيرة لا تجوز حجتها وهي كبيرة فهل هذا صحيح ولماذا؟ 
الجواب : يسن حلق رأس المولود يوم سابعه وذبح عقيقته والتصدق بزنة شعره ذهبًا ولا يجب الحلق، وأما بطلان حج من يحلق رأسها في صغرها فهذه خرافة لا أصل لها. 

إذا وقعت عرفة يوم الجمعة هل يسمى ذلك بالحج الأكبر ، وهل هناك ثواب ورد في السنة في فضل ذلك؟ 

الجواب : يوم الحج الأكبر هو يوم النحر؛ لأنه تؤدى فيه مناسك الحج من رمي، وذبح للهدي، وحلق أو تقصير، وطواف، وسعي. 

رجل من الحجاج طاف طواف الوداع يوم الثاني عشر ثم ذهب إلى منى ورمى الجمرات فهل طوافه صحيح حيث طاف قبل الرمي فماذا على هذا الرجل وهو من أهل جدة ؟ 

الجواب : من طاف للوداع قبل رمي الجمار فإنه لا يجزئه لأن طواف الوداع لا بد أن يكون آخر أعمال الحج وما دام أنه سافر قبل إعادة طوافه الوداع بعد الرمي فعليه أن يذبح فدية في مكة ويوزعها على فقراء الحرم ولا يأكل منها شيئًا ولا يجزئ فيها إلا ما يجزئ في الأضحية، فإن عجز صام عشرة أيام . 

الطواف حول الكعبة أنواع، فما هي هذه الأنواع وما حكم كل نوع منها؟ 

الجواب : أنواع الطواف حول الكعبة كثيرة: منها: طواف الإفاضة في الحج ويسمى أيضًا طواف الزيارة، ويكون بعد الوقوف بعرفات يوم عيد الأضحى أو بعده، وهو ركن من أركان الحج، ومنها : طواف القدوم للحج، ويكون للمحرم بالحج وللقارن بين الحج والعمرة حينما يصل إلى الكعبة ، وهو واجب من واجبات الحج أو سنة من سننه على خلاف بين العلماء، ومنها : طواف العمرة وهو ركن من أركانها، لا تصح بدونه، ومنها : طواف الوداع ويكون بعد انتهاء أعمال الحج والعزم على الخروج من مكة المكرمة، وهو واجب على الصحيح من قولي العلماء على كل حاج ما عدا الحائض والنفساء، فمن تركه وجب عليه ذبيحة تجزئ أضحية، ومنها: الطواف وفاء بنذر من نذور الطواف بها، وهو واجب من أجل النذر، ومنها: الطواف تطوعًا. وكل منها: سبعة أشواط، يصلي الطائف بعدها ركعتين خلف مقام إبراهيم إذا تيسر ذلك، فإن لم يتيسر صلاهما في بقية المسجد. 

ما حكم القراءة على ماء زمزم من قبل أشخاص معينين لإِعطائه شخصًا ما لتحقيق أي غرض منه أو لشفائه؟ 

الجواب : روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه شرب من ماء زمزم، وأنه كان يحمله، وأنه حث على الشرب منه وقال : ماء زمزم لما شرب له ، فعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء إلى السقاية فاستسقى، فقال العباس : يا فضل، اذهب إلى أمك فأت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشراب من عندها فقال: اسقني، فقال: يا رسول الله، إنهم يجعلون أيديهم فيه، قال: اسقني، فشرب ثم أتى زمزم وهم يستقون ويعملون فيه فقال: اعملوا فإنكم على عمل صالح، ثم قال: لولا أن تغلبوا لنزلت حتى أضع الحبل - يعني: على عاتقه، وأشار إلى عاتقه . رواه البخاري ، وعن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ماء زمزم لما شرب له، إن شربته تستشفي به شفاك الله، وإن شربته يشبعك أشبعك الله به، وإن شربته لقطع ظمئك قطعه الله وهي هزمة جبريل وسقيا إسماعيل رواه الدارقطني وأخرجه الحاكم ، وعن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تحمل من ماء زمزم وتخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمله ، رواه الترمذي … إلى غير ذلك من الأحاديث التي وردت في فضل ماء زمزم وخواصه. وهذه الأحاديث وإن كان في بعضها مقال؛ إلاَّ أن بعض العلماء صححها وعمل بها الصحابة واستمر العمل بمقتضاها إلى يومنا. ويؤيد ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في زمزم : إنها مباركة، وإنها طعام طعم ، وزاد أبو داود بإسناد صحيح : وشفاء سقم ، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ في ماء زمزم لأحد من أصحابه ليشربه أو يتمسح به؛ تحقيقًا لعرض أو رجاء الشفاء من مرض مع عظم بركته وعلو درجته وعميم نفعه وحرصه على الخير لأمته ومع كثرة تردده على زمزم قبل الهجرة وفي اعتماره مرات وحجه للبيت الحرام بعد الهجرة، ولم يثبت أيضًا أنه أرشد أصحابه إلى القراءة عليه مع وجوب البلاغ عليه والبيان للأمة، فلو كان ذلك مشروعًا لفعله وبينه لأمته فإنه لا خير إلاَّ دلهم عليه ولا شر إلاَّ حذرهم منه. لكن لا مانع من القراءة فيه للاستشفاء به كغيره من المياه، بل من باب أولى؛ لما فيه من البركة والشفاء؛ للأحاديث المذكورة. 

بعض شركات الحج يأخذون الحجيج في الأتوبيسات من مكة إلى عرفات مباشرة دون المبيت في منى يوم التروية، ثم يعودون بهم من عرفات إلى منى مباشرة دون المبيت في مزدلفة أو حتى المكث فيها إلى نصف الليل، ويتعللون بكثرة الزحام، فهل على الحجيج ذنب في هذا أم ماذا يفعلون؟ 

الجواب : المبيت بمنى ليلة التاسع سنة من تركه فلا شيء عليه، وأما المبيت بمزدلفة ليلة العاشر فهو واجب من واجبات الحج من تركه مع قدرته عليه يكون عليه فدية ذبح شاة في الحرم يوزعها على فقراء الحرم، ومن لم يقدر على المبيت من المرضى والضعفاء الذين تجبرهم حالتهم على ترك المبيت فلا شيء عليه، ويجب على الشركات التي تتعهد بنقل الحجاج تمكينهم من المبيت، وعلى الحجاج أن يطلبوا تمكينهم من المبيت. 

مجموعة من الحجاج المتمتعين يوم النحر رموا الجمرة وحلقوا رءوسهم أما الهدي فوكلوا صديقهم في مكة وأخذوا منه الميثاق بأن يهدي عنهم يوم النحر مبكرًا، فالحجاج نزعوا إحرامهم بعد الرمي والحلق مستيقنين بأن صديقهم وفى بالعهد لكن في الليل اعتذر بأنه تأخر في الذبح إلى صلاة المغرب حيث قد تعب في نصف الذبائح فالسؤال : هل هذا التأخير في الذبح يتأثر في نزع الإحرام أم لا؟ 

الجواب : لا بأس بحلق الرأس بعد الرمي ولو لم يذبح الهدي فما فعله هؤلاء لا حرج فيه. 

هل يجوز أن توكل المرأة في رمي الجمرات؛ خشيةَ الزحام، وحجها فريضة، أو ترمي بنفسها؟

الجواب : يجوز عند الزحام في رمي الجمرات أن توكل المرأة من يرمي عنها، ولو كانت حجتها حجة الفريضة، وذلك من أجل مرضها أو ضعفها، أو المحافظة على حملها إن كانت حاملاً، وعلى عرضها وحرمتها؛ حتى لا تنتهك حرمتها شدة الزحام. 

هل يجوز للحاج تأخير رمي جمرة العقبة الأولى إلى اليوم الثاني أو الثالث من أيام التشريق بدون عذر أم لا، وما حكم من فعل ذلك؟ 

الجواب : لا يجوز للحاج تأخير رمي جمرة العقبة إلى اليوم الثاني أو الثالث من أيام التشريق بدون عذر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رماها يوم العيد، وتبعه في ذلك الصحابة فلم يؤخروها إلى أيام التشريق بلا عذر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: خذوا عني مناسككم ، ومن أخرها إلى أيام التشريق بلا عذر فقد خالف السنة، وحرم من بعض أجر نسكه، وعليه أن يستغفر الله لما مضى، ويحرص على أداء نسكه على وجهه الشرعي في المستقبل. 

ماذا يجب على من رمى الجمار ضحى ثاني يوم العيد، ثم علم بعد ذلك أن وقت الرمي هو بعد الظهر؟ 

الجواب : من رمى الجمار ثاني يوم عيد الأضحى قبل الزوال فعليه أن يعيد رميها بعد زوال ذلك اليوم، فإن لم يعلم خطأه إلا في اليوم الثالث أو الرابع أعاد رميها بعد الزوال من اليوم الثالث أو الرابع بعد الزوال، قبل أن يرمي لذلك اليوم الذي ذكر فيه، فإن لم يعلم إلا بعد غروب شمس اليوم الرابع لم يرم، وعليه دم يذبح بالحرم ويطعمه الفقراء. 

هل تعتبر العزيزية من منى أو لا؟ 

الجواب : ليست العزيزية من منى ، بل يفصل بينها وبين منى جبل. 

إذا دفع الناس والضعفاء من مزدلفة إلى منى قبل طلوع فجر يوم النحر وبعد منتصف ليلته فهل لهم أن يرموا جمرة العقبة قبل طلوع الفجر وإذا كان معهم متسع من الوقت يمكنهم من طواف الإفاضة قبل طلوع الفجر أيضًا فهل لهم ذلك؟ 

الجواب : يجوز للضعفة من النساء وكبار السن ونحوهم الدفع من مزدلفة بعد منتصف الليل ولهم أن يرموا الجمرة ويطوفوا للإفاضة ويحلقوا قبل الفجر؛ لأن ذلك أرفق بهم. 

ما حكم تجاوز الميقات في الحج والعمرة ؟ 

الجواب : لا يجوز للمسلم إذا أراد الحج أو العمرة أن يتجاوز الميقات الذي يمر به إلا بإحرام، فإن تجاوزه بدون إحرام لزمه الرجوع إليه والإحرام منه، فإن ترك ذلك وأحرم من مكان دونه أو أقرب منه إلى مكة فعليه دم عند الكثير من أهل العلم يذبح في مكة ويوزع بين الفقراء؛ لكونه ترك واجبًا وهو الإحرام من الميقات الشرعي، أما إن كان حين مروره بالميقات لم يرد حجًا أو عمرة وإنما أراد حاجة أخرى بمكة كزيارة لبعض أقاربه أو أصدقائه أو تجارة أو نحو ذلك فمثل هذا لا شيء عليه؛ لكونه ما أراد حجًا ولا عمرة لكن لا يجوز له ذلك إذا كان لم يعتمر عمرة الإسلام فيما مضى من الزمان، ومتى أراد هذا الذي تجاوز الميقات بدون إحرام لكونه لم يرد الحج أو العمرة متى أراد الحج أو العمرة في الطريق قبل أن يصل الحرم وجب عليه أن يحرم من المكان الذي تجددت فيه النية، والحجة في ذلك ما ثبت في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: وقت النبي صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة ، ولأهل الشام الجحفة ، ولأهل نجد قرن المنازل ، ولأهل اليمن يلملم ، هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة ومن كان دون ذلك فمهله من أهله حتى أهل مكة يهلون من مكة . فدل هذا الحديث على جميع ما ذكرناه آنفًا لمن تأمله، أما إن كان الذي لم يرد حجًا ولا عمرة لم تتجدد له نية الحج أو العمرة إلا بعد ما وصل إلى الحرم فهذا فيه تفصيل: فإن كان أراد الحج فلا بأس أن يحرم به من الحرم أو الحل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: ومن كان دون ذلك فمهله من أهله حتى أهل مكة يهلون من مكة . وأما إن أراد العمرة فإنه يخرج إلى الحل كالتنعيم والجعرانة أو غيرهما فيحرم من ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عائشة رضي الله عنها لما أرادت العمرة وهي بمكة أن تخرج إلى التنعيم فتهل بعمرة منه. وأمر أخاها عبد الرحمن أن يصحبها في ذلك. 

أيهما أفضل الحلق أو التقصير بعد أداء النسك في العمرة أو الحج ؟ وهل يجزئ تقصير بعض الرأس؟ 

الجواب : الأفضل الحلق في العمرة والحج جميعًا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا للمحلقين ثلاثًا بالمغفرة والرحمة، وللمقصرين واحدة، فالأفضل الحلق، لكن إذا كانت العمرة قرب الحج فالأفضل فيها التقصير حتى يتوفر الحلق في الحج؛ لأن الحج أكمل من العمرة فيكون الأكمل للأكمل. أما إن كانت العمرة بعيدة عن الحج مثلاً في شوال يمكن لشعر الرأس أن يطول فإنه يحلق حتى يحوز فضل الحلق. ولا يجزئ تقصير بعض الرأس ولا حلق بعضه في أصح قولي العلماء، بل الواجب حلق الرأس كله أو تقصيره كله. والأفضل أن يبدأ بالشق الأيمن في الحلق والتقصير 

هل ثواب الصلاة في مكة كلها مضاعف مثل الصلاة في المسجد الحرام نفسه. وهل العقاب على المعاصي مضاعف في مكة كما يضاعف الثواب على الحسنات؟ 

الجواب : أ : في المسألة خلاف بين أهل العلم، والأرجح أن المضاعفة للثواب تعم الحرم كله؛ لأنه كله يطلق عليه المسجد الحرام في القرآن والسنة. 
ب : أما السيئات فلا تضاعف عددًا لا في الحرم ولا غيره وإنما تضاعف من جهة الكيفية، وذلك باختلاف شدة الإثم وعظم الجريمة بسبب الزمان والمكان في رمضان والحرم الشريف والمدينة المنورة وأشباه ذلك؛ لقول الله سبحانه: مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وللأحاديث الصحيحة الواردة في ذلك. 

امرأةٌ حاضت ولم تطُف طوافَ الإفاضةِ وتسكن خارجَ المملكة، وحان وقتُ مغادرتها المملكة، ولا تستطيعُ التأخر، ويستحيل عودتها المملكة مرةً أخرى، فما الحكم‏؟‏ 

الجواب : إذا كان الأمرُ كما ذُكر، امرأةٌ لم تطف طوافَ الإفاضةِ، وحاضت ويتعذّر أن تبقى في مكة أو أن ترجعَ إليها لو سافرتْ قبلَ أن تطوف، ففي هذه الحالِ يجوزُ لها أن تستعمل واحدًا من أمرين‏ :‏ فإما أن تستعمل إبرًا توقفُ هذا الدمَ وتطوفُ، وإما أن تتلجم بلجامٍ يمنعُ من سيلانِ الدم إلى المسجد، وتطوفُ للضرورة، وهذا القولُ الذي ذكرناه هو القولُ الراجحُ، والذي اختارَه شيخ الإسلام ابن تيمية، وخلافُ ذلك واحدٌ من أمرين، إما أن تبقى على ما بقي من إحرامها بحيث لا تُحل لزوجها، وإما أن تُعتبر مُحصرة تذبح هديًا وتحلُّ من إحرامها‏.‏
وفي هذه الحالِ لا تُعتَبُر هذه الحجةُ حجا لأنها لم تكملها، وكلا الأمرين صَعبٌ، الأمرُ الأولُ وهو بقاؤها على ما بقي من إحرامها، والأمرُ الثاني الذي يُفوِّت عليها حجَّها، فكان القولُ الراجحُ هو ما ذهب إليه شيخُ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مثل هذه الحالِ للضرورة، وقد قال الله تعالى‏:‏ ‏‏{‏وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ‏}‏‏ ‏[‏الحج‏:‏ 48‏]‏، وقال ‏:‏ ‏‏{‏يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ‏}‏‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 185‏]‏‏.‏
أما إذا كانت المرأة يُمكنها أن تسافر ثم ترجعَ إذا طَهُرت فلا حَرَج عليها أن تُسافرَ، فإذا طَهُرت رَجَعت فطافت طوافَ الحج‏.‏
وفي هذه المدة لا تحلّ لزوجها لأنها لم تحلّ التحلُّلَ الثاني‏.‏ 

رجلٌ سمع أنه يجوزُ السعي قبل الطواف فسعى ثم طاف في اليوم الثاني عشر أو الثالث عشر، فقيل له‏:‏ إن ذلك خاصُّ بيوم العيد، فما الحُكم‏؟‏ 

الجواب : الصوابُ أنه لا فرق بين يوم العيد وغيره في أنه يجوزُ تقديم السعي على الطواف في الحج، حتى لو كان بعدَ يوم العيد لعموم الحديث، حيث قال رجلٌ للنبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ ‏:‏ سعيتُ قبل أنْ أَطوفَ قال‏:‏ ‏‏(‏‏‏لا حرج)‏.‏ 
وإذا كان الحديثُ عامًا فإنه لا فرقَ بين أن يكونَ ذلك في يوم العيد أو فيما بعده‏.‏  

إذا طاف مَن عليه سعيٌ، ثم خرج ولم يَسعَ، وأُخبر بعد خمسةٍ أيام بأن عليه سعيًا، فهل يجوزُ أن يسعى فقط ولا يطوفُ قبله‏؟‏

الجواب : إذا طاف الإنسانُ معتقدًا أنه لا سعي عليه ثم خرج، ثم بعد ذلك بأيام أُخبر بأن عليه سعيًا، فإنه يأتي للسعي فقط ولا حاجةَ إلى إعادةِ الطواف، وذلك لأنه لا يُشترط الموالاة بين الطواف والسعي، حتى لو فُرض أن الرجلَ ترك ذلك عمدًا، أي أخر السعي عن الطواف عَمْدًا، فلا حَرَجَ عليه، ولكن الأفضلَ أن يكون السعي مُواليًا للطواف‏.‏  

حاجٌّ قَدِمَ متمتعًا، فلما طاف وسعى لَبِسَ ملابسه العادية، ولم يُقصر أو يحلق، وسأل بعد الحج وأُخبر أنه أخطأ، فكيف يفعل وقد ذهب الحج بعد وقت العمرةِ‏؟‏ 

الجواب : هذا الرجل يُعتبر تاركًا لواجب من واجبات العمرة، وهو التقصير، وعليه عند أهل العلم أن يذبحَ فديةً في مكة ويُوزعها على فقراء مكة وهو باقٍ على تمتعه فيلزمه هدي التمتع أيضًا‏.‏ 

ما حكم الحلق أو التقصير بالنسبة للعمرة‏؟‏ 

الجواب : الحلق أو التقصير بالنسبة للعمرة واجبٌ، لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ لما قَدِمَ إلى مكة في حَجة الوداع وطاف وسعى، أَمَرَ كلَّ من لم يسق الهديَ أن يقصر، ثم يحل، والأصل في الأمر الوجوب، ويدل لذلك أيضًا أن النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ أمرَهم حين أحصروا في غزوةِ الحديبيةِ، أن يحلقوا حتى إنه ـ صلى الله عليه وسلّم ـ غَضِبَ حين تَوانَوْا في ذلك‏.‏
وأما‏ :‏ هل الأفضل في العمرة التقصير أو الحَلق‏؟‏ فالأفضل الحلقُ، إلا للمتمتع الذي قَدِمَ مُتأخرًا فإن الأفضل في حقه التقصير من أجل أن يتوفر الحلقُ للحجِّ‏.‏ 

حاجٌّ رمى جمرة العقبة من جهة الشرق، ولم يسقط الحجرُ في الحوض، فما العمل وهو في اليوم الثالث عشر، وهل يلزمه إعادة الرمي في أيام التشريق‏؟‏ 

الجواب : لا يلزمه إعادة الرمي كله، وإنما يلزمه إعادة الرمي الذي أخطأ فيه فقط، وعلى هذا يعيدُ رمي جمرة العقبة فقط، ويرميها على الصواب، ولا يجزئه الرمي الذي رماه من جهة الشرق لأنه في هذه الحال لا يسقط في الحوض الذي هو موضع الرمي، ولهذا لو رماها من الجسر من الناحية الشرقية أجزأ لأنه يسقطُ في الحوض‏.‏ 

متى ينتهي رمي جمرة العقبة أداءً‏؟‏ ومتى ينتهي قضاءً‏؟‏ 

الجواب : أما رمي جمرة العقبة يومَ العيد فإنه ينتهي بطلوعِ الفجرِ من اليوم الحادي عشَر، ويبتدىءُ من آخِرِ الليل من ليلةِ النحرِ للضُّعفاء ونحوهم من الذين لا يستطيعون مزاحمة الناسِ‏.‏
وأما رميُها في أيام التشريق فهي كرمي الجمرتين اللَّتَين معها، يبتدىءُ الرمي من الزوال، وينتهي بطلوع الفجر من الليلةِ التي تلي اليومَ، إلا إذا كان في آخرِ أيام التشريق، فإن الليل لا رميَ فيه، وهو ليلةُ الرابع عشر، لأن أيام التشريق انتهت بغروب شمسها، والرمي في النهار أفضلُ، إلا أنه في هذه الأوقات مع كثرة الحجيج وغَشَمِهم، وعدم مبالاةِ بعضهم ببعضٍ إذا خاف على نفسه من الهلاك أو الضررِ أو المشقّة الشديدةِ فإنّه يرمي ليلًا ولا حرجَ عليه، كما أنه لو رمى ليلًا بدون أن يخاف هذا، فلا حرجَ عليه، ولكن الأفضلَ أن يُراعي الاحتياطَ، ولا يَرمي ليلًا إلا عند الحاجة إليه‏.‏
وأما قوله‏:‏ قضاءً، فإنها تكون قضاءً إذا طلع الفجرُ من اليوم التالي في أيام التشريق ولم يَرمِها‏.‏ 

إذا لم تُصِب جمرةٌ من الجمار السبع المرمى، أو جمرتان، ومضى يومٌ أو يومان، فهل يلزمُه إعادةُ هذه الجمرة أو الجمرتين‏؟‏ وإذا لزمه فهل يعيدُ ما بعدَها من الرمي‏؟‏ 

الجواب : إذا بقي عليه رميُ جمرةٍ أو جمرتين من الجمرات، أو على الأوضح حصاة أو حصاتين من إحدى الجمراتِ، فإن الفقهاء يقولون إذا كان من آخر جمرة فإنه يُكملها، أي يُكملُ هذا الذي نقص فقط، ولا يلزمهُ رمي ما قبلها، وإن كان من غير آخر جمرة فإنه يُكمل الناقص، ويَرمي ما بعدها‏.‏
والصوابُ عندي أنه يُكمل النقصَ مُطْلَقًا، ولا يلزمهُ إعادةُ رمي ما بعدها؛ وذلك لأن الترتيب يَسقُطُ بالجهل أو بالنسيان، وهذا الرجلُ قد رمى الثانيةَ وهو لا يعتقدُ أن عليه شيئًا مما قبلها، فهو بين الجهلِ والنسيانِ، وحينئذٍ نقولُ له‏:‏ ما نَقَصَ من الحصا فارمهِ ولا يجبُ عليك رَميُ ما بعدَها‏.‏
وقبلَ إنهاء الجوابِ أُحبُّ أن أنبّه إلى أنَّ المرمى مجتمعُ الحصا، وليس العمود المنصوب للدلالة عليه، فلو رمى في الحوضِ ولم يُصِب العمودَ بشيء من الحصيات فَرَميه صحيحٌ، والله أعلم‏.‏ 

إذا خَرج الحاج من منى قبلَ غروب الشمس يومَ الثاني عشر بنية التعجل، ولديه عملٌ في منى سيعودُ له بعد الغروب، فهل يُعتبر مُتعجلًا‏؟‏ 

الجواب : نعم؛ يُعتبر متعجلًا لأنه أنهى الحج، ونية رجوعه إلى منى لعملِه فيها لا يمنعُ التعجل، لأنه إنما نوى الرجوعَ للعملِ المنُوطِ به لا للنسك‏.‏ 

مَن أحرم بالحج من الميقات، ثم سار إلى أَنْ قَرُب من مكة فَمنَعه مركزُ التفتيش لأنه لم يحمل بطاقة الحج، فما الحكم‏؟‏ 

الجواب : الحُكَمُ في هذه الحالِ أنه يكون مُحْصِرًا حين تعذر عليه الدخولُ، فيذبح هَديًا في مكان الإحصارِ، ويحلّ، ثم إن كانت هذه الحجةُ هي الفريضة، أدّاها فيما بعدُ بالخطاب الأوَل لا قضاءً، وإن كانت غَيَر الفريضةِ فإنه لا شيء عليه، على القول الراجحِ، لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ لم يأمر الذين أُحصروا في غزوةِ الحديبيةِ أن يَقضُوا تلك العمرةَ التي أُحْصِرُوا عنها، وليس في كتابِ الله، ولا في سُنّة رسوله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ وجوبُ القضاء على من أُحْصرَ؛ قال تعالى‏:‏ ‏‏{‏فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ‏}‏‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 196‏]‏، 
ولم يذكر شيئًا سوى ذلك‏.‏
وعمرةُ القضاء سُميت بذلك لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ قاضى قُريشًا، أي عاهدهم عليها، وليس من القضاء الذي هو استدراكُ ما فات، والله أعلمُ‏.‏ 

إذا دخل الافاقيُّ بملابسه العادية، بمكة حتى يتحايل على الدولة لعدم الحج، ثم أحرم من مكة، فهل يجوز حجُّه، وما الذي يلزمُهُ‏؟‏ 

الجواب : أما حجُّه فيصحُّ، وأما فعله فحرامٌ، حرامٌ من وجهين ‏:‏ أحدُهما تعدّي حدودِ الله سبحانه وتعالى بِتركِ الإحرامِ من الميقاتِ‏.‏
والثاني ‏:‏ مخالفته أمرَ ولاةِ الأمور الذين أُمرنا بطاعتهم في غير معصيةِ الله‏.‏
وعلى هذا يلزمهُ أن يتوبَ إلى الله ويستغفره مما وقع، وعليه فديةٌ يذبحها في مكة ويُوزعها على الفقراء لتركهِ الإحرامَ من الميقاتِ، على ما قاله أهلُ العلم من وجوب الفدية على من تركَ واجبًا من واجباتِ الحج أو العمرة‏.‏ 

سمعتُ أن الُمتمتع إذا رجعَ إلى بلدهِ انقطَعَ تمتعه، فهل يجوز له أن يَحجَّ مُفردًا ولا دَمَ عليه‏؟‏ 

الجواب : نعم إذا رجع المتمتع إلى بلده، ثم أنشأ سفرًا للحج من بلده فهو مفردٌ، وذلك لانقطاع ما بين العُمرة والحج برجوعه إلى أهله فإنشاؤه السفرَ معناه أنه أنشأ سفرًا جديدًا للحج، وحينئذٍ يكونُ حجُّه إفرادًا، فلا يجبُ عليه هديُ التمتع، لكن لو فعل ذلك تحيُّلًا على إسقاطه فإنه لا يسقطُ عنه، لأن التحيُّل على إسقاطِ الواجبِ لا يَقتَضي إسقاطه، كما أن التحيلَ على المحرَّمِ لا يَقتضي حِلَّه‏.‏ 

إذا قَدِمَ المسلمُ إلى مكة قبل أشهر الحج بنية الحجِّ، ثم اعتمر وبقي إلى الحجِّ فحجَّ، فهل حَجُّهُ يُعتبر تمتُّعًا أم إفرادًا‏؟‏ 

الجواب : حَجُّهُ يُعتبر إفرادًا، لأن التمتع هو أن يُحرمَ بالعمرة في أشهر الحج، ويفرغَ منها، ثم يُحرم بالحج من عامه‏.‏
وأما من أحرمَ بالعمرة قبلَ أشهر الحج وبقي في مكة حتى حجّ، فإنه يكونُ مفردًا، إلا إذا قَرَنَ، بأن يحرم بالحجّ والعمرة جميعًا، فيكون قارنًا، وإنما اختصَّ التمتعُ بمن أحرمَ بالعمرة في أشهر الحج لأنه لما دخلت أشهرُ الحج كان الإحرامُ بالحجّ فيها أخصَّ من الإحرامِ بالعمرة، فخفّف الله تعالى عن العباد، وأذِنَ لهم، بل أحبَّ أن يجعلوا عُمرَةً ليتمتعوا بها إلى الحجِّ‏.‏ 

حملةٌ خَرجَت من عرفةَ بعد الغروب، فضلُّوا الطريقَ فتوجهوا إلى مكة، ثم ردَّتهم الشرطةُ إلى مُزدلفةَ، فلما أقبلوا عليها توقفوا، وصلَّوا المغربَ والعشاءَ في الساعة الواحدة ليلًا، ثم دَخَلُوا المزدلفةَ أذانَ الفجرِ فصلَّوا فيها الفجر ثم خَرَجُوا، فهل عليهم شيءٌ في ذلك أَمْ لا‏؟‏ 

الجواب : هؤلاء لا شيءَ عليهم لأنهم أدركوا صلاةَ الفجرِ في مُزدلفةَ حين دخلوها وقتَ أذانِ الفجرِ، وصلّوا الفجر فيها بِغَلَسٍ وقد ثبت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ أنه قال‏:‏ ‏(‏‏مَنْ شَهِدَ صلاتنا هذه ووقفَ معنا حتى نَدْفَعَ، وقد وقف قبل ذلك بعرفةَ ليلًا أو نهارًا فقد تم حجُّه وقضى تَفَثَه‏)‏، ولكن هؤلاء أخطأوا حين أخّروا الصلاةَ إلى ما بعد مُنتصفِ الليل، لأن وقتَ صلاة العشاء إلى نصفِ الليل، كما ثبت ذلك في ‏‏صحيح مسلم‏‏ من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص عن النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ فلا يحلُّ تأخيرها عن مُنتصف الليل‏.‏ 

معلومٌ أن حَلقَ الرأسِ من محظوراتِ الإحرامِ، فكيفَ يجوزُ البدءُ به في التحلُّل يومَ العيد، لأن العلماءَ يقولون‏:‏ إن التحلُّل بفعلِ اثنين من ثلاثِ، ويَذكرون منها الحلقَ، وعلى هذا فإنّ الحاجَّ يجوزُ أن يبدأ به‏؟‏ 

الجواب : نعم يجوزُ البدءُ به لأنّ حلقَه عند الإحلالِ للنُّسك، فيكون غير مُحرِمٍ، بل يكونُ نُسكًا مأمورًا به، وإذا كان مأمورًا به فإن فعله لا يُعَدُّ إثمًا ولا وقوعًا في محظورٍ‏.‏
وقد ثبت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ أنه سُئل عن الحلقِ قبل النحرِ وقبل الرمي، فقال‏:‏ (‏‏‏‏‏لا حَرَج‏).‏
وكون الشيء مأمورًا به أو محظورًا إنما يُتلقى من الشرع‏:‏ ألا ترى إلى السجودِ لغير الله تعالى كان شِرْكًا، ولما أمر الله به الملائكةَ أن يسجدُوا لادم كان سجودُهم له طاعةً‏.‏
ثم ألم تَرَ إلى قتلِ النفسِ، لا سيّما الأولادَ كان من الكبائرِ العظيمةِ، فلما أمر الله تعالى نبيَّه إبراهيم أن يقتلَ ابنه إسماعيلَ كان طاعةً نال بها إبراهيمُ مرتبةً عظيمةً، ولكن الله تعالى برحمتهِ خفّف عنه وعن ابنهِ وقال‏:‏ ‏‏{‏فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاء الْمُبِينُ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ‏}‏‏ ‏[‏الصافات‏:‏ 103‏:‏ 107‏]‏‏.‏ 

متى ينتهي زمنُ ذبحِ هدي التمتع‏؟‏ وهل هناك خلافٌ وآراءٌ في تحديد الزمن‏؟‏ 

الجواب : ينتهي زمنُ الذبحِ لهدي التمتُّع بغروبِ الشمسِ من اليومِ الثالث عشر من ذي الحجة ويبتدئ إذا مضى قَدرُ صلاةِ العيد من يومِ العيد بعد ارتفاعِ الشمسِ قدرَ رمحٍ‏.‏
وأما‏:‏ هل هناك خلافٌ‏؟‏ فنعم فيه خلافٌ في ابتدائه وانتهائه، ولكن الراجحَ ما ذكرناه، والله أعلم‏.‏ 

ما حُكمُ من بات في منى إلى الساعة الثانية عشرةَ ليلًا، ثم دخل مكةَ ولم يَعُد حتى طلوع الفجر‏؟‏ 

الجواب : إذا كانت الساعةُ الثانيةَ عشرةَ ليلًا هي منتصف الليل في منى، فإنه لا بأسَ أن يخرجَ منها بعدها‏.‏
وإن كان الأفضلُ أن يبقى في منى ليلًا ونهارًا، وإن كانت الساعةُ الثانية عشرةَ قبل منتصفِ الليل فإنه لا يخرجُ، لأن المبيت في منى يشترطُ أن يكون مُعظَمَ الليل على ما ذكره فُقهاؤنا رحمهم الله تعالى‏.‏ 

يُقال ‏:‏ إنه لا يجوزُ الرمي بجمرةٍ قد رُمي بها، فهل هذا صحيح‏؟‏ وما الدليلُ عليه‏؟‏ 

الجواب : هذا ليس بصحيحٍ، لأن الذين استدلُّوا بأنه لا يُرمَى بجمرةٍ قد رُمي بها، علّلوا ذلك بعللٍ ثلاث‏:‏ قالوا إنها ـ أي الجمرةُ التي رُمي بها ـ كالماء المستعمل في طهارة واجبةٍ، والماء المستعمل في الطهارةِ الواجبة يكونَ طاهرًا غيرَ مُطَهِّر، وإنها كالعبدِ إذا أُعتق فإنه لا يُعتَق بعد ذلك في كفّارة أو غيرها، وإنه يلزمُ من القولِ بالجوازِ أن يَرمِيَ جميعُ الحجيجِ بحجرٍ واحدٍ، فترمي أنتَ هذا الحجَرَ، ثم تأخذهُ وترمي، ثم تأخُذُه وترمي حتى تُكملَ السبعَ، ثم يجيءُ الثاني فيأخُذُهُ فيرمي حتّى يُكمل السبع، فهذه ثلاثُ عللٍ وكلُّها عند التأمُّل عليلةٌ جدًا‏.‏
أما التعليلُ الأول :‏ فإنّما نقولُ بمنع الحكمِ في الأصلِ، وهو أنّ الماءَ المستعملُ في طهارة واجبةٍ يكون طاهرًا غيرَ مُطَهِّر لأنّه لا دليلَ على ذلك، ولا يُمكن نقلُ الماء عن وصفهِ الأصلِّي، وهو الطهوريّة إلا بدليلٍ‏.‏
وعلى هذا فالماء المستعملُ في طهارةٍ واجبةٍ طهورٌ مُطهِّرٌ، فإذا انتفى حُكمُ الأصلِ المقيس عليه، انتفى حكمُ الفرعِ‏.‏
وأما التعليل الثاني ‏:‏ وهو قياسُ الحصاةِ المرمي بها على العبد المُعتَق، فهو قياسٌ مع الفارقِ، فإن العبدَ إذا أُعتق كان حُرًّا لا عبدًا، فلم يكن محلًا للعتقِ، بخلافِ الحجر إذا رُمي به فإنه يبقى حَجَرًا بعد الرمي به، فلم يَنْتَفِ المعنى الذي كان من أجله صالحًا للرمي به، ولهذا لو أن هذا العبد الذي أُعتق استرقَّ مرةً أخرى بسبب شرعيٍّ جاز أن يُعتَقَ مرة ثانية‏.‏
وأما التعليلُ الثالث‏:‏ وهو أنه يَلزَمُ من ذلك أن يقتصر الحجَّاج على حصاةٍ واحدةٍ، فنقولُ‏:‏ إن أمكن ذلك فليكن ولكن هذا غيرُ مُمكنٍ، ولن يعدلَ إليه أحدٌ مع توفّر الحصا‏.‏
وبناءً على ذلك، فإنه إذا سَقَطَت من يدك حصاةٌ أو أكثر حولَ الجمراتِ فَخُذْ بَدَلهُا مما عندك، وارْمِ به سواءٌ غَلَبَ على ظنِّك أنه قد رُمي بها أم لا‏.‏ 

إذا قَصَّرَ الحاجُّ والمُعتَمِرُ من جانبي رأسهِ ثم حَلَّ إحرامهُ وهو لم يُعَمّم الرأس فما الحكمُ‏؟‏ 

الجواب : الحكمُ إن كان في الحجِّ وقد طاف ورمى، فإنَّه يبقى في ثيابهِ، ويُكمل حلقَ رأسِه أو تقصيره، وإن كان في عُمرةٍ فعليه أن يخلعَ ثيابه ويعودَ إلى ثيابِ الإحرامِ ثم يحلقَ أو يُقَصِّرَ تقصيرًا تامًا يعمُّ جميعَ الرأسِ وهو مُحْرِم، أي وهو لابسٌ ثيابَ الإحرام‏.‏ 

هل يجوزُ للحاجِّ أن يُقَدِّم سعي الحجِّ عن طوافِ الإفاضة‏؟‏

الجواب : إن كان الحاجُّ مُفرِدًا أو قارنًا، فإنه يجوزُ أن يُقَدّم السعيَ على طوافِ الإفاضةِ، فيأتي به بعد طوافِ القدوم كما فعل النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ وأصحابُه الذين ساقوا الهديَ‏.‏
أما إن كان متمتعًا، فإن عليه سعيين‏ :‏ الأول عند قدومِه إلى مكة، وهو للعُمرة، والثاني في الحجّ‏.‏
والأفضلُ أن يكون بعد طوافِ الإفاضةِ، لأن السعيَ تابعٌ للطوافِ، فإن قدّمه على الطوافِ فلا حَرَجَ على القول الراجحِ، لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ سُئل فقيل له‏:‏ سعيتُ قبل أن أطوف‏؟‏‏!‏ قال ‏:‏ ‏‏(‏‏‏لا حَرَج)‏.‏ 
فالحاجُّ يفعلُ يومَ العيد خمسةَ أنساكٍ مُرَتّبَةً‏:‏ رميُ جمرة العَقبة، ثم النّحر، ثم الحلْق أو التقصير، ثم الطَّواف بالبيت، ثم السَّعي بين الصفا والمروة، إلا أنْ يكونَ قارنًا أو مُفْردًا سعى بعد طوافِ القدومِ فإنّه لا يُعيد السعيَ، والأفضلُ أن يُرَتّبها على ما ذكرنا، وإن قَدّم بعضَها على بعضٍ، لا سّيما مع الحاجةِ فلا حَرَج، وهذا من رحمةِ الله تعالى وتيسيرهِ، فلله الحمد رب العالمين‏.‏ 

المصادر : كتاب مناسك الحج والعمرة لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين
واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز


تعليقات